خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

بيت الشَّعر.. حيث كان البداية

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالكريم سليمان العرجان

التاريخ هو ملاذ الشعوب و الأمم، لا يوجد افقر من أمة خلفيتها التاريخية مُشتتة مهما ازداد تطورها في العصر الحالي، مهما ازدادت ثرواتها المادية و العلمية.

كان بيت الشَّعر علامة فارقة في تاريخ البدو لم يكن مُجرد مكان للسكن بقدر ما كان مكان انطلاقات و ثورات و قضوات حق و مأوى للمستجير و الضيف و حاضن مجالس الشِعر، و هذا اكسبه أهمية كبيرة و جعلهُ مَقْصِدَ بحثٍ أول لكل باحث و دارس عن التاريخ كيف لا و منه قد ابتدأت كل الحكاية.

- بيوت الشَّعر عند البدو:

كان يُستدل على المكانة الاجتماعية للشخص في العشيرة قديماً بناءً على حجم بيت الشَّعر الذي يسكنه و عدد الأعمدة التي يقوم عليها و هذا يوضح أهمية التعمق في البحث حول بيوت الشعر و مسمياتها–التي تعتمد اعتماداً كُلياً على عدد أعمدة البيت.

كما أوردت سابقاً أن عدد الأعمدة كان أساس تسمية بيت الشَّعر، و تفصيلاً اذكر التالي:

- الخربوش هو بيت الشَّعر الذي يتكون من قسم واحد و يُرفع على تسعة أعمدة تحيط به من جميع أطرافه.

- البيت ذو ( الواسط ) الواحد ؛ يتألف من قسمين يفصلهما عمود من الوسط يُعرف العمود ( بالواسط ) و عمود من الأمام يُسمى ( المِقْدِم )، و عمود من الخلف يُسمى ( مِيْخَر ) وبنهاية البيت من كل طرف ثلاثة أعمدة يُعرف العمود الأوسط منها ( بالعامر ) أو الكاسر و الأعمدة على جانبي ( العامر ) يُسمى كل واحد منها ( شُعبه ).

- البيت ( العمودي ) يُشابه البيت ذو الواسط الواحد من حيث البناء إلا أنه يتكون من أعمدة اثنين في الوسط.

- أما اذا كان البيت اكبر مما ذُكر سابقاً و يتألف من ٣ أقسام و عمودين في الواسط حينها يُسمى ( مدوبل ).

- عدد الأعمدة وسط البيت تكسبه اسمه و وصفه بحيث إذا ازداد طول البيت ليحتوي على ثلاثةِ أعمدة وسط يسمى

( مثولث ) و ( مروبع ) إذا كان للبيت أربعة أعمدة وسط وهكذا دواليك.

ويبعد كل عمود واسط عن الأخر مسافات متساوية لا تقل عن أربعة أمتار و تسمى الشقة بين كل واسط وأخر

( بالباهرة ) أما أطراف البيت من اليمين والشمال تسمى ( الرُفه ) ويعرف دائر البيت من الخلف ( بالرّوْاق ) ودائر البيت من الأمام يسمى ( العناد ) ويفصل الشق عن المحرم ما يُسمى ( الساحة )، ويمتد تحت ( شقاق البيت ) على رأس الأعمدة ( شقة ) يبلغ عرضها اثني عشر سـم و تُعرف بالطريجة ( طرايق البيت ) يربط في أطرافها حلقات موصولة بحبال ثخينة وطويلة تمتد إلى الأوتاد لتثبت البيت، ( وأنا هنا تكلمت بعرف عرب الدعجة ).

وكانت بيوت العشيرة بالعادة تُنصب على صفّين إذا كانت قليله و إذا كانت كبيرة و كثيرة تكون على صفوف متعددة، يُسمى الصف الواحد ( سماط )، و مضرب البيوت يُسمى ( الدوار )، أما الفسحة أو المساحة بين صفوف البيوت تُسمى ( المْراح ) والفاصل بين البيوت يُسمى ( الترعه ).

و غالباً كان ينصب بيت الشيخ في الوسط او الصف الغربي ويمتاز برفع شارعته عن بقية البيوت أما ( الشارعه ) هي العمود الأمامي من الشق، و هنا تظهر حكمة البدو و حنكتهم بحيث يستطيع الضيف أن يهتدي إلى بيت الشيخ و تحديداً الشق دون دليل، أما بقية البيوت كانت تُنصب على جانبي بيت الشيخ.

و أورد هنا عادات عند البدو ارتبطت في بناء بيت الشَّعر و دلالاته اقل ما يقال عنها بأنها راسخة رائعة و تراعي كل الظروف و هذا ليس بِمُستغرب عن البدو الذين أوجدوا لكل عِلة حل و لِكل فعل مُسلمات ثابتة ؛ حيث كان عند البدو عادة بأنه إذا حلَّ بينهم نزيل غريب أو طنيب يتنازل له من كان يسكن بجانب بيت الشيخ من عرب العشيرة نفسها عن موقع بيته فيقيم الطنيب قريب من بيت الشيخ.

ومن نبل أخلاق البدو بأنهم كانوا يمتنعوا عن نصب بيوتهم في مراح بيت أخر أو أن يُصوبوا العامر إلى صدر بيت أخر حفاظاً على حُرمة البيوت و احتراماً للجيرة.

و عند دخول الضيف إلى مضارب القبيلة لا يأتي من أمام البيوت، بل يأتي من الخلف أو يأتي من الجانب تحديداً من جهة شِق الرجال، و هذا عكس المعلومة المغلوطة السائدة في زمننا هذا بأن الضيف يأتي من أمام بيت الشَّعر ذلك لأن البدو قديماً اعتبروا أن دخول البيوت من أمامها تحقيراً من الضيف لمعازيبه و ذلك لكشفه البيت وحرماته.

- تقدير الضيف عند البدو

و مما لا خلاف عليه ولا مزايدة بأن الضيف له مكانه كبيرة عند البدو فالضيف مُكرم و محشوم و واجب ضيافته من أولى أولويات البدوي و كرامة البدوي من كرامة ضيفه.

الزاد عند الغانمين وافر يجودوا فيه للمحتاج و المسافر عند البدو لم يكن يوماً غريب بلاد، كان يأتي البيوت يستظل بظلها وياكل من زاد اهلها و قالوا الجود من الماجود.

و بيوت الشعر شاهدة على كرم أهلها، فبعد تقديم الطعام جرت العادة أن لا يغسل الضيف يده بل يكتفي بمسحها في أهداب البيت من جهة العامر ( بالرُفه )، ولا يمسحون بغير الرُفه مطلقاً و السبب الرئيسي لذلك ؛ ندرة الماء في زمنهم.

و قال الشُعراء في الكرم كثير من الأبيات الجزلة و هنا اذكر شعراً مما ذكره أهلنا قديماً

» هلا بطرش يالمقبل هلو وين ؟

ظريف ومرخرخ جعودو هلو وين ؟

يا الله تسأل الطرش يالمقبل هلو وين ؟

يجاوب الطرش–جيعان وعندو تعب الغدا »

ومن جميل الوصف بمدح المعازيب قال الشاعر:-

» هاللي راكب النجدي وشماله هان

ردهم مغرب وشمالهن هان

هالكبر المناسف وش ملوهن

لحم خرفان لليجي غدابا «

و كل تعدٍ يقع على الضيف في أثناء مكوثه عند معازيبه أو بعد ذهابه إلى ان يِنْقِض الملح ؛ بوجه المعزب فيكون المضيف ( المعزب ) مُلزماً بحكم الشهامة و ذلك بضمان الضرر من نفسه أو بتحصيله من المُعتدي و بعد ذلك يحق للمضيف أن يطلب المعتدي للحق ( المحاكمة ) والقبول بسوم الحق.

أما إذا خالف الضيف حقوق الضيافة في أثناء وجوده في ضيافة معزبه أو بعد مغادرة نزل المضيف قبل نقضه الملح، وتجاسر بجرم أخلاقي مثل ( السرقة )، أي إذا سرق المضيف أو أناس مر بهم في طريقه و هو في حكم الضيافة وجب على مُضيفه أن يأخذ القدح ( الصحن ) الذي تناول به الطعام وان يلحق به إلى عشيرته وفي مجمع العشيرة يتكلم ويعلن ما ارتكبه الضيف و بحضورهم بعقر مقراه، أو يخزق القدح أو الصحن الذي أكل به الضيف طعامه ويرميه أمام الجميع معلناً الأمر ويصبح الضيف مقطوع العاني ( ساقط من جميع حقوق البداوة ) فلا يجوز له أن يكون دخيل ولا أن يحميه أحد حتى لو أصابته مظلمة ولا يقام له على لائمة الحق وان يحرم عليه المعاونة.

كان ولا يزال بيت الشَّعر رمز للبادية، فهو كقلوب أهلها مشرع أبوابه و مظاهر الحياة الحديثة لم و لن تُلغي شوق و حنين البدوي لمنزله الأول، و الكرم فطرة خلقها الله في المرء و رسخها البدو في انفسهم مُرددين دوماً » خلينا نكسب الطّيبة ».

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF